الاثنين، 6 أكتوبر 2008

روقة





كانت الجثة لا تزال تنزف دما حينما أخرجها وفد السفير الأمريكى .. كانت لا تزال تنزف دما من جراء الرصاص المحرم دوليا الذى استخدم للفتك بجسده .. ذلك الرصاص الذى لا يكتفى باختراق الجسد فقط؛ ولكنه يعمل على تمزيق الاعضاء والفتك بها أيضا.

فكان محمد فؤاد عفيفى الشهير بـ ( روقة ) كان قد اتم بيع ما معه من بضاعة هو و زملائه على متن السفينة الفلبينية الراسية فى مدخل القناة الجنوبى منتظرة عبورها خلال قناة السويس وهموا بالرجوع ثانية الى اليابسة .. كان الصمت يخيم على المركب حيث كانوا منهكين من جراء عملهم طيلة اليوم من السادسة صباحا وحتى الثامنة مساءا .. ولكنهم كانوا فرحين بما قد تم بيعه من بضاعتهم .. متخيلين بريق اكياس الفاكهة فى عيون زوجاتهم وأطفالهم حين يرونها فى ايديهم .. ولكن سرعان ما تحول الصمت فى لحظة الى صراخ كصراخ الاطفال تماما حيث تحولت الظلمة وحلاكة الليل فى لحظة الى نور ساطع سبقه صوت انفجار شديد .. فما كان منهم الا محاولة النجاة بانفسهم من هذا الخطر المجهول .. لاحظوا فى تلك الاثناء وقوف رجلين فى السفينة التى كانت امامهم ..تلك السفينة التى كانت ترفع العلم الامريكى ..يتضاحكون فيما بينهم بينما صوب ثالث فوهة بندقيته اليهم .. وبدأ فى اصلاق الرصاص عليهم بغزارة .. ثم توقف .. فتلقى ذلك الرجل التهنئة من الاخرين ثم دخلا بداخل السفينة .. بينما تلقى راكبو المركب صراخ زميلهم سيد ينعى لهم صديقهم محمد فؤاد " روقة مات يا عباس .. روقة مات يا على " لم يكن يعرف سيد ان "على" هو الاخر قد أصيب ولكن فى كتفه ولكن "على" تناسى ما به من الم وجرى قبالة محمد .. كان محمد منبطحا على بطنه فهو اخر فعل فعله محمد قبيل وفاته .. فاسنده "على" على كتفه فرأى دخانا متصاعدا من فمه ودماء تنزف من التجويف الذى فعلته الطلقة بصدره .. بدوا فى اول الامر لا يصدقوا ما جرى من هوله وسرعته .. فما الذى فعلوه كى يُطلَق عليهم الرصاص ..
ايمكن لحلم مثل توفير الفاكهة للاولاد ورؤية الفرحة فى عيونهم ان يغتال بتلك الصورة وتلك السهولة .. ما الذى جناه ( روقة ) فى حق أمريكا كى يطلق عليه أحد مواطنيها وحتى ان كان جنديا فى البحرية الامريكية تلك الكمية من الرصاص .. أهذى حقا نظرة الامريكى للاخر .. طلق يثير الذعر ثم تضاحك وتهنئة على روح أُزهِقت .. ثم رفض الاعتراف بالحادث إلا بعد استخراج الجثة التى كانت لا تزال تنزف دما حينما اخرجها وفد السفير الامريكى .. كانت لا تزال تنزف دما من جراء الرصاص المحرم دوليا الذى استخدم للفتك بجسده .. ذلك الرصاص الذى لا يكتفى باختراق الجسد ولكنه يعمل على تمزيق الاعضاء والفتك بها .. ثم تشريحها دون علم الاهل ودون علم الحكومة المصرية داخل الاراضى المصرية .. ليتاكدوا من ان الرصاص الذى بداخل جسد المتوفى من الرصاص الامريكى حقا .. ام ان تلك الاشخاص يحتالون عليهم ..
وحينما تاكدوا ان ذلك الرصاص لهم .. وحينما تاكدوا و تيقنوا أنهم الجناه .. أمر السفير الامريكى فورا باصدار ورقة من السفارة الامريكية عبارة عن اعتذار رسمى للشعب والحكومة المصرية والحقيقة أنهم كانوا احن من ذلك قليلا فلم يكتفوا بتلك الورقة فقط .. فقد طالعتنا صحفنا القومية بخبر تلقى الرئيس مبارك اتصالا هاتفيا من الرئيس الامريكى شخصيا للاعتذار عن ذلك الحادت الخطأ وأنه يبلغه عميق أسفه ..و لكن الصحف والنشرات الحكومية لم توضح لنا موقف الرئيس مبارك خلال تلك المكالمة .. ولكن الموقف الحكومى أعلن بعد ذلك من ان جزء من الخطأ يتحملة ( روقة ) وزملائه .. لانهم اقتربوا من السفينة الامريكية التجارية أثناء عبورها خلال قناة السويس المصرية.



أحمد شاهين ..
5/4/2008

هناك 11 تعليقًا:

نسر الشرق يقول...

الحقيقه ان انا مبسوط جدا ان انا لقيت مدونه للروايات
علشان انا عندى مدونه روايات برده
ياريت اعرف رأيك فيها
http://nisr-elsharq.blogspot.com/

Desert cat يقول...

اعتقد ان رد فعل الرئيس كان ولا يهمك ياباشا المسالة مش مستاهله اعتذار ده احنا شغالين بادينا ورجلينا ايشى غرق عبارات على حرق قطارات ومش بيخلصوا

صباح الصباح يقول...

انتا غريب اوى يا بو شاهين

يعنى متوقع يكون اية رد الفعل

هوة احنا اصلا لينا سعر فى بلدنا كمصريين عشان يبقى لينا سعر عند الاجانب

احمد الجيزاوى يقول...

تحياتى على الاسلوب والفكرة
احمد الجيزاوى

سميرة يقول...

ايه الاحساس الجميل دا يااحمد
بجد انت هاتكون روائي جامد اوي اوي
انا قلت لك دا قبل كدا ولازلت بقوله كمان اهوه :)
القصة بتاخدك وبتجبرك انك تخلصها للاخر ، ودا مابيحصلش إلا إذا كان اللي كاتبها احساسه عالى وفنان بجد.....
اما بقى لموضوع رجالتنا اللي بيموتوا بايد اخوانا الامريكان...
انت كمصري ليس لك قيمة في بلدك ، فلا تطلب من الاخر ان يحترمك بالرغم من ذلك ، ولا ايه؟؟؟؟
تحياتي

فوضى منظمة يقول...

"روقة" و " ورقة" لعلك أردت أن تقول أن كليهما في نظر البعض متساووين فهما لهما نفس الحروف لكن بترتيب مختلف .. ومثل هذه الأشياء لا تفرق كثيرا عند البعض الذين ذكرتهم .. أغبياء لدرجة أنهم لا يعرفون الفرق بين الأشياءوالأحياء

تدوينة جميلة

بس حبيت أقولك أن اسمي أحمد شاهين برده .. بصره

بالتوفيق

ahmed_k يقول...

الهذه الدرجه وصلت قيمة المواطن المصري عند حكومته مجرد ورقة إعتذار وإتصال تليفوني ربما لم يأخذ الأمر سوى بضع ثواني ثم تحول الحديث إلى ضحكات وقهقهات
والله لو ان هذا الرجل مواطن لأي دولة أخرى لما مر الأمر بهذه البساطه
ولطولب بالقصاص العادل
ولكن لأنهم يعلمون قيمة المصري لدي حكومته أقبلوا على مثل هذا الفعل
وحسبنا الله ونعم الوكيل في حكومه
نزعت من مواطنيها كل كرامه وآدميه


دمت بكل خير

سمير مصباح يقول...

كلنا لا زلنا ننزف دمه يا احمد
والطلقة التى اصابت صدره
اصابت قلوبنا وبقية ما تبقى من كرامتنا
رحم الله روقة ورحم كرامتنا

ahmed_k يقول...

أخي أحمد كل عام وأنتم بخير
بمناسبة عيد الأضحى المبارك

معاذ يقول...

مش لاقى غير يوم 6 اكتوبر وتكتب فيه التدوينة دى

متهيالى مفارقة موحية

تعيش وتفتكر يا صاحبى

غير معرف يقول...

إنت يا أحمد عندك كتير قوي
ربنا معاك يا معلم .. وإن شاء الله أشوف مجموعة قصصية ليك قريب جدا
(: