تدخل الحجرة المسماه مجازا بالحمام وترخى وراءها الستارة .. فتبادرها أمها
- يعنى عندك غير اللى عند الناس
- فى ايه يامه ماتلمى نفسك
- طب اخلصى ياللا ورانا شغل
- ايه ده يا أمه .. هو مافيش ميه ف الجركن كمان
تزيح الام الستارة بقوة ..
- باقولك عندنا شغل انتى مابتفهميش
- طيب يا أمه اللى يشوف كده مايقولش انك لسه والدة من اسبوع
- ماهو لو ماعملتش كده مش هاتلاقى الفول اللى انتى بتحفيه ده كل يوم يا غلاباوية .. أختك لما بتنزل معايا مابتغلبنيش كده
- اه ماهى غادة دى الملبساية بتاعتك .. هو احنا بناكل فول من شوية .. مش عشان الحلوة تتجهز وتتجوز
بانتهاء تلك الكلمات كانتا أنعام و إبنتها وفاء خارج تلك البناية المسماة مجازا بالبيت .. فالبيت لا يربو عن العشرين مترا مربعا أى انه خمسة أمتار طول فى أربعة أمتار عرض .. مساحة قد تكون أقل من تراس احد الفيلات المقامة على الناحية الاخرى من الجبل .. ذلك الجبل الذى لجئ إليه والد أنعام منذ سنوات ليتاخذ منه ملجأ له بعد أن يبيع ما معه من خضروات يفترش بهم سوق حكر السكاكينى.. حصل على هذا المكان منذ سنوات بعدما تنازل عن ربحه لمده عام لفتوة المنطقة نظير أن يتركه فى هذا المكان .. ورثته من بعده ابنته أنعام والتى كانت تعول أسرتها بالكامل فبعدما أصيب زوجها تحت عجلات سيارة شرطة المرافق أثناء هربه منها فأدت اصابته إلى بتر يده اليمنى التى كان يسن بها السكاكين لاهل الحى وفشلت كل محاولات أنعام لجلب ماكينة بالكهرباء له من الصندوق الاجتماعى للتنمية ومن يومها وأنعام تعول زوجها وبناتها الاربع والتى وصلت اخرهم إلى الدنيا من أسبوع فقط
***********
وفاء:- الولية حمدية دى عينها يتدب فيها رصاص .. امبارح وأنا باخد منها المنخل عشان سبوع البت .. كانت بتديهونى كده وزى ماتكون بتجز على سنانها
أنعام :- ربنا يكفينا شر عنيها دى وليه عينها وحشة
وصلا الى مكان السوق وقبل أن يفترشا بحاجاتيهما هالهما ما سمعاه .. حيث صك اذنهما صوت انفجار هائل او ماشابه ثم اكتست السماء فجأة باللون البنى
ما ان سمعت أنعام هذا الصوت .. حتى جرت كالمجنونة إلى بيتها الكائن بالدويقة تتبعها ابنتها وصلت الى هناك لتجد لا شئ .. لا وجود لبيتها أو بيت جيرانها .. فقط صخرة هائلة سوت كل البيوت بالارض حتى العمارتين اللتان كانتا يطلق عليهما الاسكان الفاخر واللتان يبلغ عدد طوابقها الخمس طوابق قد سوتا تماما بالارض .. لم تستطع تمالك نفسها من هول ما رأته وغابت عن الوعى
أفاقت فوجدت جميع النسوة من حولها متشحات بالسواد وهول الصدمة واضح فى أعينهم الحمراء الباكية .. تيقنت أنه ليس حلما بل واقعا .. نعم أنها فقدت زوجها وبنتها التى كانت تستعد لدخول المرحلة الثانوية الخريف المقبل وبنتها الاخرى التى كانت تستعد ان تزف الى عريسها الاسبوع المقبل وبنتها ذات السبع أيام
ذهبت لاطلال بيتها تبش بيدها عسى ان تفعل شئيا حيال تلك الصخرة الهائلة الجاثمة على بناتها وزوجها.. كانت بين الحين والاخر تقرب اذنها من الصخرة علها تسمع أنين زوجها أو صرخات طفلتها .. تنادى عليهم ..
- لو كنت اعرف كده كنت اخدتكوا معايا يا حبايبى .. غادة .. يا غادة عريسك مستنيكى يا بنتى .. يارب ليه كده ده انا لسه مافرحتش بنجلاء .. دى كان سبوعها النهارده يا رب .. ليه كده يارب
ظلت خمس أيام هكذا تنادى على بناتها وزوجها .. تكلم الصخرة حينا .. وتكلم الله حينا .. تغيب عن الوعى بالساعات وينقلوها لخيم الايواء .. ثم ما تلبث أن تفيق .. حتى تعود لاطلال بيتها مرة أخرى إلى أن تمت إزالة جزء من الانقاض بعد سبعة أيام وأخرجت بنتها الصغرى جثة ليس لها ملامح .. استدل عليها من المنخل الذى كانت نائمة فيه .. أخرجت بنتها الثانية بعد خمس عشر يوما مرتديه زيها المدرسى الجديد حيث انهار البيت وهى تجرب زيها الجديد حيث كانت تنوى البنت تضييق المريلة بعض الشئ على غير رضى امها .. فمبجرد أن خرجت أمها فى الصباح الباكر حتى استيقظت هى وبدأت تضيق الجاكت مستخدمة الدبابيس
***********
كانت الكارثة الحقيقية بالنسبة لها فى إعلان الحكومة عن انتهاء اعمال إزالة الانقاض وتصريحات المسئولين المتكررة بان جميع الجثث قد خرجت من تحت الانقاض .. كاد يجن جنونها .. فلن يهدأ لهذه المرأة جفنا الا حينما تخرج جثة زوجها وبنتها .. ولن تتمكن بنتها وفاء من إخبار أمها بالخبر الذى ظلت تخفيه عليها .. بان الحكومة لم تعط لهم مسكنا وأن المسئولين أدعوا ان وفاء وأمها لم يقنطنا يوما بالدويقة وأنها تحتال للحصول على شقة
أحمد شاهين
هناك 48 تعليقًا:
ميزتك في الحكي يا شاهين انك زي ما تكون كنت معاهم
فعلا عرفت تكتب من الواقع
تحياتي علي هذه القصة
وان كنت رحيما بنا فلم تصف كل مقدار الالم و تركت لنا تصوره
ماساة متكررة ابطالها افراد مختلفون لكنهم فى الهم والغم سواء
الله يرحم ضحايا الدويقة ويصبر ذويهم
آه والله
تصدق أنا اتخانقت مع واحدة قريبتي بتشتغل في المحافظة لما قالتلي حكاية مش كلهم مستحقين و الكلام ده ...
حسبي الله ونعم الوكيل مــأســاة .. اللي بيحصـلهم ده ... الواحد حاسس بعجز فظيـع أوي أوي أوي
*********
حلوة أوي يا شاهين وزي ما نهى قالت انك كنت رحيم بينا فما وصفتش أوي
ابو شاهين
اسلوبك في الحكي بجد جميل وبيوجع
اما بقى بالنسبة لموضوع الدويقة فحسبي الله ونعم الوكيل
لك الله يا مصر
آه ملحوظة صغيرة...
ما بتفكرش تكتب روايات او قصص قصيرة ، اصل اسلوبك جميل..
تحياتي
أبو شاهين
كانت عندي النية أكتب عن موضوع الدويقة , أهنيك على سردك للمأساة كما لو كنت أحد أبطالها
تقبل تحياتي
حمادة زيدان
على فكرة بجد أسلوبك رائع ناس كتير كتبت عن الدويقة بس بواقعية اوى و بمناقشات جدية لكن أنت قدرت تجمع بين الجد و التشويق و الواقع....و الله الناس دى غلبانة فعلا و أحنا لازم لازم نعملهم حاجة لأن الإعتماد على البلد حيأخر مش حيقدم .......حسبى الله و نعم الوكيل
نهى العربى
--------
ميزتك ف الردود يا نهى انك بترفعى من روحى المعنوية جدا لانى باثق ف رايك جدا وعارف انه لا تشوبه ذرة نفاق
طول ما العشوائية هى سياسة البلد .. فالماساة هاتتكرر
الله يرحمهم ويصبر اهاليهم
بجد يا شاهين ، وانا بقراها سالت نفسى انت كنت هناك، انت واقعى اووى ، وكتابتك للتفاصيل حلو ة رغم انى مش بستحملها الا نادرابس انت كتابها حلووو
مش ذنب قريبتك اللى ف المحافظة يا سمية
الذنب ذنب ناس اكبر منها
وبالنسبة للعجز فاحنا فعلا مش هانقدر نعمل لهم شئ مباشر .. سيبك من العصير والاكل .. انا اقصد لحل المشكلة من الاساس
شكر على اعجابك بالقصة
وبعدين كل ده وكنت رحيم ده انا خوفت عليكوا
لبنت اللى عندها 7 ايام اللى طلعوها جثة بالمنخل
والبنت اللى ماتت وهى بتضيق المريلة
والجثتين اللى ماطلعوش
والشقة اللى مش هايخدوها
كل ده مش ماساوى
سميرة
---
ربنا يخليكى يا سميرة
ولما الراى يجى من انسانة مثقفة زى حضرتك بجد .. الواحد بيبقى فرحان ومنتشى
والناس بتوع الدويقة دول فعلا مافيش حد حاسس بيهم غير ربنا ..
والله هو الواحد ليه عده محاولات كده
أنا لسه باكون ف حروفى ... لكن عقلى كله مزايا
:)
شكرا لتعليقك الجميل
حمادة زيدان
----------
اكتب يا حمادة اصرخ حرض على الخير
وشكرا لاثنائك على القصة
أنا و دماغى
-----------
انا مبسوط ان القصة عجبتك
وشكرا على تشريفك للمدونة
لكن ايه اللى ف ايدينا ومانعتمدش فيه ع الحكومة غير شنط رمضان وكياس العصير
؟
لاحلول مسؤولية الحكومات بس
بوسى
----
ربنا يخليكى ليا يارب
ومش عارف من غير تشجيعكوا ليا الواحد كان هايبقى عامل ازاى
كان هايبقى عامل ازاى يعنى
شكرا يا بوس بوس
تحياتى لك
على احساسك بواقع الذى حولنا
احمد الجيزاوى
بجد انتا موهوب موهوب
ما شاء اللة عليك
حسيت للحظة انها حقيقة
الله عليك بجد الله
انا حسيت اني متعايشه وشايفه
الله عليك بجد
تحياتي :)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكى ممتاز
لحادثة مؤلمة
لواقع اشد ايلامآ
تحياتى واحتراماتى
القصة مووجعة اوي يا احمد
سردك لافراد القصة واقصي طموحات
كل منهم انها تتجوز ولا تضيق المريلة
والسعي ورا لقمة العيش اللي مش بتيجي
غير بالمرمطة
اسلوبك مش هتكلم عليه تاني
ولكن كفاية اني اقولك ان الوجع اتنقل
لينا ذاتيا من القصة
خالص احزاني والمي
أحمد الجيزاوى
تحياتى لتشريفك مدونتى واعجابك بالفكرة
صباح الصباح
ربنا يخليك يا باشا
وشكرا بجد على كلامك الجميل
فرحان جدا انك حسيتها حقيقية
كيارا
والله بجد باسعد لما احس ان الناس حاسه كتابتى
شكرا يا كيارا
نورهاتى
شكرا جزيلا
سعيد باعجابك بالكلام
وهو ده الواقع الاليم
امجد
مش عارف اقولك انا باسعد بتعليقك وباستناه ازاى
وبجد التعليق ده غالى علي اوى
عايز ابروزه بجد والله
شكرا يا امجد بجد
احمد
ايه دا مثقفة مرة واحدة
ربنا يجبر بخاطرك
وكمان حضرتك
لالالالالا
عموما انا بشكرك جداً
وانت ان شاء الله هاتكون كاتب مميز
تحياتي
:))
مش عارف اخدت عنك فكرة ان انتى حضرتك ازاى مع ان سننا قريب من بعض
:)
وكعادة الافلام العربى احب اقول (لحضرتك ) انك فعلا انسانة مثقفة وانا سعيد بتعليقك ده .. ودى حقيقة مش هزار
واوعدك لما اكون كاتب مشهور .. هابقى اكتب لك ع الكتاب اهداء
:)
ايها السادة لم يبق اختيار سقط الجبل من الاعياء علي راس الغلابة المساكين الجوعي المشردين اصلا كي يشردوا اكثر
و الحكومة اخرتها قبضت علي ثمانية من الاهالي عشان اعتصموا امام النائب العام
=====================
شاهين بجد جميلة جدا
واقعية و مكثفة ومشوقة ومتعبة جدا جت علي الجرح و لن تندمل الجراح
تستني تعليقي ازاي بس يابني
ده غصب عني
احنا مش اصحاب ولا ايه؟؟
قصة مؤثرة اوي
حسبنا الله ونعم الوكيل
لك الله يا مصر
مجنون ميت
--------
معارضة موفقة لقصيدة أمل دنقل الرائعة لتتماشى مع ستايل 2008
=====
شكرا على اعجابك بالقصة
وياريت الجراح ماتندملش غير لما ننضفها ونتاكد ان كل الادران اتشالت من عليها
تحياتى ليك
أمجد
---
ماهو عشان احنا صحاب يبقى مش غصب عنك
:)
بيس يا أمجد
أحمد سعيد بسيونى
--------------
شكرا يا أحمد على اعجابك بالقصة
وحسبى الله ونعم الوكيل
نورتنى
يا باااااااااي
حوار بيس يا معلم ده بيفكرني
بخالد جذاب
بص بلاش تقولي لا بيس
ولا اشطاط
ولا يا معلم
خلاص اتفقنا
بيس يامعلم
خلاص
بيس يا معلم
أسلوبك في الكتابة أقل مايقال عنه أن حرفيته أكثر من رائعة .. و ذلك الواقع الخيالي جعلني أقشعر و أصمت ..
..
يبدو لي أن أنعام أخرى لن تعترف الحكومة بوجودها فالحكومة لا تقتنع أصلا بوجود أي بشر في البلد سواهم ..
كُلنا غير معترف بنا .. لكن لم ندري بعد
..
دمت بكل ود ..
ليه يابي الوجع دا كله
مضطر غصب عني اقولك تسلم ايديك لانها بجد رائعة ( القصة مش ايدك ) :)
موفق دائما يامعلم
هى القصه دى حقيقه بجد؟
لا حول ولا قوة الا بالله
عارف مش هايدوهم شقه ليه؟
عشان فيه ناس تانيه جابت جثة وحطتها تحت الانقاض وطلعوها قدام الكاميرات فى مشهد درامي
ابويااااااااااا.. اخويااااا
دا عاش هنا طول عمره
احنا عاوزين شقه
واحتالوا واخدوا شقة انعام
يبقى العيب فى مين
او خلينا نقول العيب مش مغطى مين
الحكومه اللى سابت الناس من غير الحد الادنى للمعيشه وخلتهم ياخدوا أراضي خطره يسكونا فيها
واللا الناس اللى مالقتش حته تسكن فيها وسط الارتفاع الجنونى للاسعار والمبانى وراحت تغامر عند الجبل وأخدت ارض المفروض انها ملك الدولة
ولا النصابين اللى حبوا يستفيدوا من الموقف وخلاص على حساب المنكوبين الحقيقيين
أقولك مين الغلطان
الصخرة هى اللى غلطانه
الناس كانت عارفه انها هاتقع فى يوم من الأيام
مش كانت تحترم نفسها وتتعامل بذوق وتخليها مكانها
وعجايب
حسبي الله ونعم الوكيل
لا حول ولا قوة إلا بالله
إنها بحق لمأساة
كان الله في عونهم
ورزقهم الصبر الجميل على مصابهم
دعني أخي أبو شاهين أحييك
على إسلوب سردك للقصه
والتي جعلتني خلالها أتخيل الأحداث كأني أراها رأي العين
تحياتي
أسأل الله
أن يعطيك أطيب ما في الدنيا محبة الله
وأن يريك أفضل ما في الجنه رؤية الله
وأن ينفعك بأنفع الكتب كتاب الله
وأن يجمعك بأفضل خلقه رسول الله
وكل عام وأنتم بخير
عيد سعيد
ابو شاهين
حبيت اقولك كل سنة وانت طيب
عيد سعيد
أسماء على
بجد تعليقك اسعدنى جدا
ومبسوط اوى بشهادتك دى
ولن تعترف الحكومة باخطائها ( انعام وغيرها )
دمتى بالف خير وكل سنة وانتى طيبة
هو الواقع اللى موجع يا ابو اصلان
كل سنة وانت زى الفل
:)
وينكى
انتى عارفة يا وينكى الناس اللى جابوا جثة ومثلوا ان ده ابوهم او اخوهم .. يستاهلوا شقق اكتر م الناس المضارين
فكرى ايه اللى خلاه يعمل كده
الاولى ان بدال ماهشام طلعت مصطفى يصرف خمسين مليون جنية على رقاصة كان بنى ليهم مدينة على غرار مدينتى .. وبلاش يعملها مدينة عالمية على ارض مصرية .. لا .. يعملها مدينة ادمية على ارض مصرية
المشكلة مش ف الناس اللى بتنصب عشان تاخد مسكن ايواء
المشكلة ف الناس اللى بتنصب عشان يقضوا بيها ليالى حمرا
أحمد كيه
انها حقا لماساه
شكرا يا احمد على اشادتك بالقصة
ودمت بالف خير
وكل سنة وانت طيب
سميرة
مش عارف اقولك ايه على ذوقك
بس كل سنة وانتى طيبة كلمة قليلة ف حقك
كل سنة وانتى مبدعة
عندما يتخلى حتى الجبل عن الضعفاء
تصبح الحياة صعبة فى هذا الوطن
سمير مصباح
احنا اتخلينا عنهم قبل الجبل
ف مانلومش الجبل بقى
سمير بجد .. ادهشتنى مدونتك .. انت فنان كبير
حلوة قوي يا شاهين مع إني فضلت عامل :(((((((((((((( كده .. طول منا بقراها
إرسال تعليق